قضية الأسبوع
خطر يهدد مستقبل لاعبي كرة القدم
إصابات المعاش المبكر
الأحد, 12 أكتوبر 2008
«الرؤية» ابوشهد
شهد الموسم الماضي 2007-2008 حادثين مؤسفين في ملاعب كرة القدم، يتعلقان بإصابات رياضية من العيار الثقيل.. الأول هو إصابة «رونالدو» مهاجم ميلان السابق وفلامنجو الحالي واللاعب الدولي البرازيلي بقطع في الرباط الصليبي، مما أبعده عن الملاعب لمدة سنة كاملة تقريبًا، والثاني هو إصابة لاعب الوسط الكرواتي في صفوف نادي آرسنال «إدواردو دا سيلفا» بكسر مضاعف في الساق.
الإصابتان فتحتا ملفًا محزنًا في عالم الساحرة المستديرة، يتعلق بالإصابات التي من أخطرها على الإطلاق وأشدها فتكًا باللاعبين الرباط الصليبي.. فما هو الرباط الصليبي؟.. وأين موقعه من الركبة؟.. وما وظيفته؟.. ولماذا هو «صليبي»؟..
يعد مفصل الركبة من المفاصل المعقدة تركيبًا وحركة في جسم الإنسان، لأنه المفصل الوحيد في الجسم الذي يحمل ثقلاً كبيرًا، إلى جانب وظيفته الأساسية في تسهيل الحركة.
وتوجد بالركبة أربعة أربطة.. اثنان منهما يعرفان بالرباط الصليبي، أحدهما أمامي والآخر خلفي، حيث يربط الأمامي بين عظمة القصبة من الأمام والفخد من الخلف، بينما يربط الخلفي بين عظمة القصبة من الخلف والفخذ من الأمام، وهما بالتالي يتعامدان على بعضهما على شكل حرف «×» أو علامة الصليب، وذلك هو سبب التسمية بالرباط الصليبي.
والرباط الصليبي هو رباط يشبه الحبل يبلغ طوله حوالي ثلاثة سنتيمترات، ويقع داخل الركبة، حيث يربط بين عظمتي الفخذ والقصبة، ووظيفته هي منع الحركة العكسية لعظمة الفخذ على عظمة القصبة، فعندما تكون الرِّجل مفرودة تمامًا وفي وضع أفقي، لا يسمح الرباط الصليبي بحركة الساق إلى أعلى مع ثبات الفخذ.
وإصابة الرباط الصليبي الأمامي هي الأكثر شيوعًا وخطورة بين الرياضيين، أما كلمة «قطع» في الرباط الصليبي فليس معناها بالضرورة حدوث قطع فعلى وانقسام الرباط إلى جزءين، وإنما معناه فقدانه لوظيفته الأساسية، فحدوث تهتك في جزء من الرباط أو ارتخاؤه هما أيضًا إصابتان مماثلتان في الخطورة لإصابة القطع، لأن الرباط الصليبي يجب أن يكون مشدودًا كي يؤدي وظيفته.
وقطع الرباط الصليبي إصابة غالبًا ما تصيب الرياضيين مثل لاعبي كرة القدم والسلة وكرة اليد، وهي الألعاب التي تستدعي الالتحام والتغيير المفاجئ لاتجاه الحركة، وهما السببان الرئيسان للإصابة، إضافة إلى إمكانية وقوعها في حادث سيارة مثلاً أو السقوط من ارتفاع عالٍ.
ولا توجد طريقة معينة للوقاية من الرباط الصليبي، لكن تقوية العضلات المحيطة بالركبة مثل عضلات الفخذ والسمانة تساعد على تقليل نسبة الإصابة به.
وقت حدوث الإصابة يشعر المصاب بألم شديد جدًا ويحدث تورم في الركبة بأكملها، ويجب حينئذ التوقف تمامًا عن أي حركة ووضع كمادات ثلج على الركبة، لأن ذلك يمنع حدوث تجمعات دموية ويقلل من الألم، ويتم تشخيص الإصابة لاحقًا عن طريق الرنين المغناطيسي، وإذا تم التأكد من أن الإصابة في الرباط الصليبي فإن الجراحة هي الطريقة الوحيدة للعلاج، ولكنها يجب ألا تتم قبل مرور شهر من الإصابة لأن إجراءها قبل ذلك يزيد من احتمالية حدوث التصاقات في المفصل، كما أنه لابد من التأكد من أنه لا توجد إصابات أخرى مصاحبة، مثل إصابات الغضاريف الهلالية التي غالبًا تصاحب إصابة الرباط الصليبي، ويتم تحديد ذلك عن طريق المنظار.
وإذا قطع الرباط الصليبي بالفعل فإنه لا يلتحم مرة أخرى، لأن نهايات أطرافه تكون متهتكة، ولا يصلح تقريبهما من بعضهما البعض، لأن كل طرف منهما يرتبط بعظمة، وإنما يكون الحل هو إعادة بناء رباط جديد من نسيج بشري، نحصل عليه إما من رباط يربط بين عظمة الرضفة «الصابونة» والقصبة، أو من رباطين آخرين داخل الركبة يجدلان معًا كالضفيرة.
والطريقة الأكثر شيوعًا في أوروبا وأميركا هي استخدام الأربطة من أفراد متوفين، إلا أن ذلك يخضع لمعايير قانونية ودينية، وقديمًا كانت تستخدم أربطة صناعية تعويضية، لكن آثارها الجانبية بدأت تظهر على المدى البعيد، كما كانت الجراحة مفتوحة وتحتاج لوقت طويل في إعادة التأهيل.
ويحتاج المصاب من ستة أشهر إلى سنة بعد الجراحة حتى يمكنه ممارسة الرياضة مرة أخرى، ويتوقف ذلك على التزام اللاعب نفسه وبنيانه، ووجود إصابات مصاحبة من عدمه، أما المشي فإنه يكون بعد وقت قصير جدًا من إجراء الجراحة.
وليس هناك أسوأ حظًا من البرازيلي رونالدو على المستوى العالمي في إصابات الرباط الصليبي، فقد كانت إصابته الأخيرة التي لم يمر عليها شهر هي المرة الأخيرة التي يصاب فيها اللاعب نفسه بالرباط الصليبي، مما جعل مستقبله الكروي مهددًا واعتزاله وشيكًا.
أما بالنسبة لإصابة الكسر المضاعف في الساق فإنها كسر في عظمتين في آن واحد معًا، لذلك يعرف بـ «المضاعف»، فالرِّجل البشرية تتكون من ثلاثة أقسام: الفخذ والساق والقدم.. ومنطقة الفخذ تحتوي على عظمة واحدة هي عظمة الفخذ، أما منطقة الساق التي تليها فتوجد بها عظمتان متوازيتان هما عظمتا القصبة «للأمام» والشظية «للخلف»، وهما العظمتان اللتان تربطان بين عظام القدم من أسفل وعظمة الفخذ من أعلى.
وتمثل عظمة القصبة مصدر إزعاج وقلق لجميع لاعبي كرة القدم، لأنها محاطة بالأعصاب، وبالتالي تكون أي إصابة أو كدمة بها مؤلمة جدًا وتؤدي إلى تورمها، لذلك فهم يرتدون واقيًا لها يعرف بالـ «شنجارد» أو «shin guard» نسبة إلى حرف العظمة المعروف باسم «shin»، وحدوث كسر في عظمة القصبة صعب لأنها من العظام القوية، أما عظمة الشظية فإنها لا تتعرض للإصابة لأنها توجد بالساق من الخلف.
لكن في بعض حالات الالتحام القوي قد تحدث إصابة من أخطر ما يمكن، وهي حدوث كسر في عظمتي القصبة والشظية في وقت واحد، وهو كسر يفصل تمامًا بين القدم وباقي الجسم، حيث تصبح القدم من أسفل غير مرتبطة بباقي أجزاء الرِّجل بعظام، وإنما كل ما يربطها بها هو العضلات.
وبعيدًا عن الكم الهائل من الألم العضوي الذي يشعر به صاحب الإصابة، فإن شكل الإصابة وقت وقوعها يسبب ألمًا نفسيًا كبيرًا، حيث تبدو القدم متدلية وكأنها مقطوعة ومفصولة عن الجسم.
وتحتاج هذه الإصابة إلى تدخل جراحي دقيق وعاجل، أما الشفاء منها تمامًا فيحتاج إلى فترة تتراوح ما بين ستة أشهر وعشرة أشهر.
ولم تكن حالة «إدواردو دا سيلفا» أولى الحالات التي شهدت هذه الإصابة الخطيرة في السنوات القليلة الماضية، فقد تعرض لها أيضًا السويدي-المعتزل دوليًا- هنريك لارسون في عام 1999، في مباراة لفريقه آنذاك سيلتك الأسكتلندي أمام ليون في كأس الاتحاد الأوروبي، والتي تسببت في ابتعاده عن الملاعب لمدة ثمانية أشهر، كما أصيب بها الفرنسي الدولي جيبريل سيسيه في عام 2004 عندما كان يلعب لليفربول في مباراة أمام بلاكبيرن، واعتقد البعض أنها إصابة قد تنهي حياته الكروية بل قد تفقده قدمه من الأساس من شدتها وخطورتها، إلا أنه عاد للملاعب بعد سبعة أشهر.
قيٍم الموضوع: